رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

تحديات تنتظر بوتين.. وصراعه مع الغرب معركته الأبرز

2179

كتبت : روضه فؤاد

لم تمثل نتيجة الانتخابات الرئاسية فى روسيا أية مفاجأة لكل المتابعين للشأن الدولى، فاستطلاعات الرأى وتوقعات المحللين والخبراء السياسيين، وآراء الصحف ووسائل الإعلام العالمية أجمعت على أن فوز الرئيس الروسى بوتين بولاية جديدة أمر محسوم، وهو ما حدث بالفعل، حيث حصل بوتين على حوالى 77% من أصوات الناخبين، وتعد هذه النسبة أعلى من تلك التى حصل عليها فى انتخابات 2012، التى فاز فيها بنسبة 64%، وقد حصل أقرب منافسيه المليونير «بافل جرودينين» على 12% من الأصوات.
هذا الانتصار الساحق سيمنح بوتين ست سنوات أخرى على رأس السلطة، ليستمر فى الحكم حتى عام 2024، وبذلك يكون قد حكم روسيا لربع قرن من الزمان، وقد أكد الرئيس الروسى أن الأهم لديه فى الفترة القادمة القضايا الداخلية، وضمان نمو الاقتصاد الروسى قائلًا «أهم ما سنعمل عليه، هو بالمرتبة الأولى جدول الأعمال الداخلى، من ضمان نمو الاقتصاد الروسى ومنحه طابع الابتكار، بالإضافة إلى تطوير مجالات الرعاية الصحية والإنتاج الصناعى، وكما ذكرت سابقا، جميع البنى التحتية وغيرها من المجالات المهمة للمضى قدمًا ورفع مستوى معيشة مواطنينا».
وعلى الرغم من تأكيد الرئيس الروسى على أن أولوياته فى الفترة القادمة تتعلق بالشأن الداخلى، إلا أن التحدى الأبرز – برأى العديد من الخبراء السياسيين- يتعلق بعلاقته مع الغرب، خاصة فى ظل توتر العلاقات بين روسيا والعديد من الدول الغربية، بسبب الخلافات حول العديد من القضايا، أحدثها ما يتعلق بتسمم الجاسوس الروسى وابنته فى بريطانيا، حيث تتهم بريطانيا الحكومة الروسية بتدبير محاولة القتل، ومن قبلها كان التدخل الروسى فى أوكرانيا، حيث ضمت موسكو شبه جزيرة القرم، ونظمت فيه استفتاء-اعتبره المجتمع الدولى غير شرعى-، وانتهت القضية بضم القرم إلى الاتحاد الأوروبى بشكل رسمى، وهناك أيضًا التدخل العسكرى الروسى فى سوريا منذ عام 2015، والذى سمح للرئيس السورى بشار الأسد بالبقاء فى السلطة، رغم إرادة الدول الغربية.
للأسباب السابقة، كان الصمت هو تعليق العديد من الدول الغربية على إعادة انتخاب بوتين، حيث لم يصدر أى تعليق من قادة الدول الغربية سوى من الرئيسين الألمانى والفرنسى، فالرئيس الألمانى هنأ بوتين بفوزه فى الانتخابات الرئاسية، قائلًا «تأمل برلين أن تواصل مع موسكو الحوار للتغلب على الخلافات فى أوروبا»، أما الرئيس الفرنسى ماكرون فقال خلال اتصال هاتفى مع بوتين إنه يتمنى لروسيا وشعبها نجاحًا فى تحديث المجال السياسى، والاقتصادى، والاجتماعى فى البلاد، أما وزيرة الدفاع الألمانية فكانت أكثر صرامة فى الحديث عن بوتين، قائلة فى تصريحات لصحيفة «بيلد» الألمانية «الرئيس الروسى لم يعد شريكًا من فترة طويلة».
وإذا كان هذا هو موقف قادة الدول الغربية، فكيف ترى الصحف العالمية إعادة انتخاب الرئيس لولاية رابعة، تباين موقف الصحف، فالعديد منها انتقد بوتين، بينما رأت صحف أخرى أن المواقف التى اتخذها الرئيس الروسى من الغرب جاءت فى مصلحته، وساهمت فى زيادة شعبيته فى الشارع الروسى، وكانت الصحف الألمانية الأكثر هجومًا على الرئيس الروسى، حيث ذكرت صحيفة «فرانكفورتر روندشاو» تحت عنوان «انتصار الدعاية» أنه مرة أخرى ضمن الكريملين فوز بوتين الانتخابى من خلال الضغط والتلاعب والهدايا، لكنها أكدت أن هذه اللعبة ستصبح مملة بالنسبة للمواطنين يومًا ما، وجاء فى افتتاحية الصحيفة أنه بعد انهيار الاتحاد السوفيتى أعلن الباحث السياسى الأمريكى فرانسيس فوكوياما فى كتابه «نهاية التاريخ»: أن قواعد الديمقراطية ستسود العالم وإلى الأبد، ولكن الآن فى روسيا ، يمكن للمرء أن يعلن نهاية السياسة، فلاديمير بوتين سيحكم بلا قيود و إلى الأبد»، وفى نفس السياق ذكرت صحيفة «زود دويتشه تسايتونج» أن العديد من الروس يحبون بوتين ، ولكن أولئك الذين لا يحبونه أقل احتمالا لأن يعلنوا ذلك بصراحة ، مضيفة ان روسيا تشهد مناخا من الترهيب ، ويقل الحق فى التجمع وتتقلص حرية التعبير.
لم يختلف موقف صحيفة «ذى تايمز» البريطانية كثيرًا، فذكرت أن الخلاف الدبلوماسى بين روسيا وبريطانيا على خلفية تسمم جاسوس روسى سابق وابنته فى بريطانيا، شجع الروس على الإقبال على التصويت، وأوردت الصحيفة تصريحات لمتحدث باسم حملة بوتين قال فيها إن علماء الاجتماع فى روسيا كانوا يعتقدون أن نسبة الإقبال على التصويت ستتراوح بين خمسين وستين فى المئة، لكننا الآن يمكننا رؤية أن الرقم أعلى مما كنا نتوقع بكثير، وهذا حصل إلى حد كبير بفضل المملكة المتحدة.
من جانبها، أكدت صحيفة «لوفيجارو» الفرنسية أن الرجل القوى فى البلاد أعيد انتخابه مرة أخرى عبر صناديق الاقتراع للمرة الرابعة فى مساره، مشيرة إلى أنه بعد ثلاثة أيام من اتهامه من قبل وزير الخارجية البريطانى بوريس جونسون بوقوفه وراء عملية تسميم العميل الروسى السابق، يمكن لفلادمير بوتين أن يتباهى بالانتقام من عقر داره.
على أية حال، يبقى القيصر بوتين هو من أعاد روسيا إلى موقع قوى على الساحة الدولية، فهل يستمر فى سياسته فى السنوات القادمة، أم تؤدى خلافاته مع الغرب إلى إثارة أزمات جديدة؟.