رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

في متحف “جاير آندرسون” يقرأون التاريخ بأناملهم

1607

محمود درغام

لأول مرة سوف يتمكن الزائين لمتحف “جاير آندرسون” من المكفوفين معرفة محتويات القاعات والفتارين وحدهم دون مساعدة من أحد، بعد أن تم وضع بطاقات الشرح بطريقة “برايل” فى 16 قاعة من أصل 29، بالإضافة إلى إتاحة نماذج يستطيعوا لمسها للتعرف عليها، فيتمكنوا بذلك من قراءة التاريخ ورؤيته بأناملهم.

فقد احتفل متحف «جاير آندرسون» بمنطقة الخليفة باستخدام بطاقات الشرح بطريقة «برايل» لأول مرة وذلك فى حضور عدد من المكفوفين الذين تراوحت أعمارهم بين التاسعة وحتى الخمسين عام تقريبا من الجمعيات والمؤسسات الأهلية، وقد شاركت أكتوبر تلك المجموعة رحلتها داخل قاعات المتحف حيث استخدم المكفوفين أناملهم فى قراءة البطاقات وفى الرؤية أيضًا عن طريق لمس بعض النماذج المعروضة، فداخل السبيل كانت أمينات المتحف تساعد الأطفال فى لمس الأزيار، بينما تقف إحدى الكفيفات تلمس بطاقة الشرح وتقرأها بصوت مسموع لتسجلها بالهاتف الذكى كى ترسلها عبر تطبيق «الواتس آب» لمجموعة من صديقاتها، وفى إحدى القاعات رأيت السعادة والدهشة فى عيون الأطفال، والابتسامة تعلوا شفاهم وهم يتحسسون نموذجين إحداهما للقطة «باستت» والآخر رأس الملكة «نفرتيتى»، وأثناء الجولة تقابلنا مع ميرفت عزت مدير عام المتحف والتى كانت توجه الأمناء، وعرفنا منها أن بداية تواصل المتحف مع ذوى الاحتياجات الخاصة كانت بعد انتهاء تدريب أمناء القسم التعليمى بالمتحف على كيفية التعامل مع متحدى الإعاقة سواء كانت بصرية أو سمعية وذهنية، فأعلن المتحف عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعى «فيسبوك» عن إقامة معرض تشكيلى لذوى الاحتياجات الخاصة بعنوان «تتلف فى حرير»، مؤكدة أن المقصود هنا الموهبة و ليس اليدان، وقد لاقى المعرض صدى ممتاز الأمر الذى دفع عدد من الفنانين متحدى الإعاقة لإرسال أعمالهم، فاقمنًا معرضًا جديدًا بعنوان «تتلف فى حرير 2».
وأضافت أن من ضمن الفنانين المشاركين فى المعرضين الفنان أحمد ناجى وهو فاقد للبصر ويعمل فى مدرسة المكفوفين بالمتحف المصري، وقد وجد بمتحف «جاير آندرسون» اهتمام كبير بالمعاقين، فاقترح إقامة قسم تعليمى مختص بذوى الاحتياجات الخاصة، كان أول أنشطته إقامة عدد من الجولات الإرشادية للمكفوفين داخل المتحف، لكن وجدنا أن الشرح غير كافى لأن الكفيف يحتاج للحصول على المعلومة بصورة مباشرة مثل الشخص المبصر وذلك من خلال قراءة البطاقات، ومن هنا جاءت فكرة تصميم بطاقات شرح بطريقة «برايل» والتى غطت حوالى 16 قاعة من أصل 29 سوف يتم الانتهاء منها تباعا، وقد تم إعداد نماذج آثرية معدة للمس وتحديد عدد من القطع الأصلية الثابتة المصنوعة من مواد لا تتاثر باللمس مثل النافورة والأعمدة والتيجان، وفى نهاية الجولة كان هناك ورشة فنية بمشاركة الفنانة فدوى عطية وذلك باستخدام الطين الأسواني، يصمم به الكفيف عدد من القطع التى تحسسها بأنامله، مؤكدة أن الهدف الأساسى من الورشة هو خلق تواصل مجتمعى بين المكفوفين والمبصرين بحيث يصمم الطفل الكفيف القطعة التى شاهدها بأنامله بينما يكمل الطفل المبصر زخرفتها بما شاهده بعينيه.
أما فيما يخص الصم والبكم فإن التعامل معهم أسهل لقدرتهم على التحرك داخل المتحف دون وجود مرافق، إلى جانب أن الجمعيات تحضر معها الشخص الذى يترجم ما يقوله أمين المتحف إلى لغة الإشارة، مشيرة إلى أن نجاح تجربة بطاقات العرض الدائمة بلغة «برايل» سوف يدفعهم إلى التفكير فى طباعة دليل لمتحف «جاير آندرسون» بلغة «برايل مثله مثل الدليل الخاص بالمبصرين باللغات الإنجليزية والفرنسية، مضيفة أن ذوى الاحتياجات الخاصة سيكون لهم مكان خلال البرنامج الصيفى للمتحف والذى سينطلق خلال شهر يوليو تحت عنوان «من جد وجد» حيث سيكون يوم الثلاثاء من كل أسبوع يوم للدمج ما بين الأطفال الأسوياء وذوى الإحتياجات، وسنتحدث خلاله عن قطعة من معروضات المتحف مثل الزلع والشكمجيات الخشبية ولوحات السيراميك وما يقابلها من حرف ومراحل التصنيع وعدد الأشخاص المشاركين فى صنعها والفرق بين تلك الحرف قديما وحديثا، وفى النهاية يصنع الأطفال خلال الورش الفنية وباستخدام الطين الأسوانى أو الورق المقوى ما شاهدوه ولمسوه من قطع.
وفى لقاء مع أحمد ناجى رئيس القسم التعليمى الخاص بذوى الإحتياجات الخاصة بمتحف «جاير آندرسون» قال إن البطاقات مصنوعة من أفرخ الورق الشفاف ودون عليها بطريقة «برايل» كافة المعلومات المكتوبة على بطاقات العرض، وسيقوم فريق العمل بمتابعة البطاقات بصورة دورية فى كل قاعة للاطمئنان عليها، و جارى حاليا اتخاذ التدابير من أجل البدء فى التعامل مع أصحاب الإعاقات الذهنية ومزدوجى الاعاقة وذلك من خلال محاضرين متميزين، بالإضافة إلى إقامة معارض تشكيلية للفنانين من ذوى الاحتياجات الخاصة، وتنظيم احتفاليات خلال المناسبات مثل اليوم العالمى للإعاقة واليوم العالمى للمكفوفين وغيرها، منهيا حديثه بأنه يتمنى توفير بطاقات الشرح بطريقة «برايل» فى كل المتاحف وتنظيم الورش الفنية للموهوبين، لأن المتحف ليس مجرد مكان لحفظ و عرض الآثار بل أن دوره لا يقل أهمية عن دور الجامع والكنيسة والمعبد.