رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

فنزويلا.. سيناريوهات عديدة لأزمة مستمرة بعد فشل الانقلاب العسكري

1502

روضة فؤاد

وشهدت فنزويلا نهاية شهر أبريل الماضى محاولة انقلاب عسكرى واضحة، عندما أعلن «خوان جوايدو» زعيم المعارضة والرئيس المُنصب ذاتيًا ما أسماه «بداية نهاية اغتصاب السلطة»، حيث ظهر مُحاطًا بعدد من الرجال الذين يرتدون زيًا عسكريًا، وسيارات مزودة بالأسلحة، كما شهدت العاصمة اضطرابات شديدة ومسيرات شعبية، واشتباكات بين قوات من الجيش موالية لمادورو وعسكريين منشقين أعلنوا الانضمام إلى جوايدو.

محاولة الانقلاب التى دعمتها الولايات المتحدة فشلت سريعًا، وأعلن مادورو أن المظاهرات التى قادها زعيم المعارضة «جوايدو» والتى تطورت لتصبح محاولة انقلاب باءت بالفشل، وقال فى كلمة وجهها للفنزويليين «أهنئكم لشجاعتكم وولائكم، والتى ساهمت فى هزيمة مجموعة صغيرة حاولت نشر الفوضى فى أرجاء فنزويلا».

واتهم مادورو فى الكلمة المتلفزة ما أسماه «قوى إمبريالية» بمحاولة الهجوم والانقلاب على الحكومة الشرعية من أجل إخضاع فنزويلا، ونفى مادورو ما ذكره وزير الخارجية الأمريكى «مايك بومبيو» بأنه على وشك الفرار إلى كوبا، قائلًا إنها «مزحة».

من جهته، قال جوايدو أن مادورو لا يحظى بدعم القوات المسلحة فى فنزويلا، برغم ما ذكره مادورو فى كلمته التى أكد فيها على دعم الجيش له.

لم تقتصر التصريحات على مادورو وجوايدو فقط، إذ شهدت الأيام الماضية تصريحات متبادلة بين مسئولى روسيا والولايات المتحدة الأمريكية بشأن تطورات الأحداث فى فنزويلا، حيث طالبت روسيا الولايات المتحدة بالتخلى عن خططها المتهورة، معتبرة أن محاولات الإطاحة برئيسها مادورو ستؤدى إلى كارثة، وقال سيرجى لافروف وزير الخارجية الروسى فى اجتماع فى موسكو مع نظيره الفنزويلى «ندعو الولايات المتحدة ومن يدعمونها إلى التخلى عن خططهم المتهورة، والتحرك فى إطار القانون الدولى فقط»، مضيفًا «نشهد حملة غير مسبوقة للولايات المتحدة للإطاحة ?السطات الشرعية فى البلاد»، لترد واشنطن على لسان وزير خارجيتها «مايك بومبيو» مطالبة برحيل الروس، وقال فى تصريح لـ «إيه بى سى»: «على الروس الرحيل، كما على جميع الدول التى تتدخل فى حق الشعب الفنزويلى فى استعادة الديمقراطية»، مضيفًا «الهدف واضح جدًا، نريد أن يرحل الروس والإيرانيون والكوبيون» موضحًا «من دون الكوبيين لم يكن مادورو ليبقى فى السلطة».

وبعيدًا عن التصريحات الرسمية من جميع الأطراف، يبقى السؤال الأهم حول السيناريوهات المتوقعة فى فنزويلا فى الفترة القادمة، والحلول المطروحة للخروج من المأزق المستمر منذ شهور، ولعل النقطة الأبرز فى هذا الإطار تتعلق باحتمالية قيام واشنطن بعمل عسكرى مباشر للتخلص من مادورو، ومدى استمرار دعمها ومساندتها لجوايدو.

طبقًا للعديد من التقارير والتحليلات السياسية، فإن الخيار العسكرى سيكون مستبعدًا على الرغم من إعلان  المسئولين الأمريكيين دراسته ضد حكومة مادورو، وترحيب جوايدو بهذا الأمر، معتبرًا أنها «أخبار جيدة بالنسبة لفنزويلا»، وفى هذا الإطار ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية فى تقرير لها بعنوان «انهيار خطة المعارضة والبحث عن الخطوة المقبلة» أن الأمر المؤكد هو فشل الرهان على جوايدو وإمكانية التمهيد لاستبداله، أما صحيفة «نيويورك تايمز» فقد نقلت عن نائب رئيس هيئة الأركان الأمريكى «بول سيلفا» قوله إن المؤسسة العسكرية لدي?ا قناعة بصعوبة الحصول على قرار من الرئيس ترامب لعمل عسكرى.

وبعيدًا عن سيناريو الخيار العسكرى، تناولت هيئة الإذاعة البريطانية «بى بى سى» فى تقرير مطول لها سيناريوهات أخرى للخروج من الأزمة، فالسيناريو الأول يتعلق بتهدئة الأوضاع، وطبقًا لما ذكره كاتب التقرير، فإن فنزويلا يمكن أن تشهد حالة من الهدوء من خلال قبول طرفى الصراع للحوار والتفاوض حول مجموعة من القضايا محل الخلاف بين الطرفين، مثل إطلاق سراح المعتقلين السياسيين، ووقف أعمال العنف بين الجانبين، والدعوة إلى إجراء انتخابات تحت إشراف دولى، مضيفة أن مادورو دعا أكثر من مرة إلى الحوار مع المعارضة، كما طالب رؤساء المكس?ك وأوروجواى وبوليفيا، بلعب دور الوساطة فى هذا الحوار، غير أن المعارضة رفضت الحوار، لشعورها بأنها تعرضت للخداع خلال جولات التفاوض التى جرت مع الحكومة فى عامى 2014 و2017، مما أدى إلى فشلها، فى ظل تعسف الحكومة ورفضها تقديم أية تنازلات حقيقية لصالح المعارضة.

 وفى الوقت الراهن يمكن أن تسهم الضغوط والعقوبات الدولية المفروضة على فنزويلا، وكذلك المظاهرات الشعبية، فى دفع الحكومة إلى القبول بتقديم تنازلات يمكن أن تسهم فى تهدئة الأوضاع المتوترة، وفى الوقت ذاته، لم تنجح المعارضة حتى الآن فى تحقيق انتصار حاسم وحقيقى لصالحها فى مواجهة مادورو، حيث فشل الانقلاب العسكرى، كما تتعرض لقيود شديدة من قبل الحكومة، مما قد يرجح قبولها تقديم بعض التنازلات والدخول فى مفاوضات مع الحكومة، وفى نهاية المطاف، فإن فرص نجاح عملية التفاوض تتوقف بالأساس على قبول ورغبة طرفى الصراع فى التوصل إ?ى تسوية سلمية وتقديم تنازلات حقيقية، ونقلت «بى بى سى» عن المحلل السياسى «ديميتريس بانتولاس» قوله «يجب أن يكون هناك تفاوض بين الجانبين، ثم يجب إجراء انتخابات عامة يستطيع الجميع التنافس فيها، مع توافر ضمانات سياسية وقانونية من أجل المستقبل».

سيناريو آخر طرحه التقرير يتعلق بانتصار الحكومة وانهيار المعارضة، خاصة فى ظل حالة الإحباط التى تسود بين صفوف المعارضة، وزادت حدتها عقب فشل محاولة الانقلاب ضد مادورو، حيث تبادل بعض زعماء المعارضة الاتهامات، خاصة أن بعضهم يرفض تدبير انقلاب عسكرى ضد مادورو ويفضل اللجوء إلى الحوار والتفاوض مع الحكومة، كما يرفض بعض قادة المعارضة أى تدخل عسكرى أمريكى فى البلاد، أما السيناريو الأسوأ فيتعلق باستمرار الصراع الدائر فى البلاد، مما يهدد بانزلاق البلاد إلى خطر الحرب الأهلية.