رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

شبح الإطاحة بترامب يزور البيت الأبيض!

1798

روضة فؤاد

يبدو أن العام المقبل 2019، سيحمل معه بشارات غير سارة للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، فالأزمات أصبحت تلاحقه من كل اتجاه، وأقربها صدور الحكم على محاميه السابق “مايكل كوهين” بالسجن لمدة 3 سنوات، بعد إدانته بالكذب على الكونجرس، وانتهاك قانون تمويل الحملات الانتخابية، والتهرب الضريبي، وذلك على الرغم من محاولة ترامب التنصل من مسئوليته، حيث نفى توجيه “كوهين” لدفع أموال بشكل غير قانوني، وقال فى تغريدة على “تويتر”: “لقد كان محاميًا، ومن المفترض أن يعرف القانون”، مضيفًا “كوهين أقر بالتهم المنسوبة له لكى يحرجني”.

خطورة هذا الحكم على محامى ترامب السابق– كما تقول «بى بى سى» فى تقرير لها- فى كون كوهين أول عضو فى دائرة ترامب المقربة يُعاقب بالسجن، فى ضوء تحقيقات يقودها المحقق الخاص «روبرت مولر» بشأن مزاعم التدخل الروسى فى انتخابات الرئاسة الأمريكية عام 2016، واعترف كوهين أمام المحكمة، وفى حديث لمحطة «إيه بى سى نيوز» بأنه مذنب فى انتهاكات تمويل الحملة، لدوره فى دفع أموال لامرأتين مقابل صمتهما، بعدما هددتا خلال الحملة الانتخابية، بالكشف عن إقامة ترامب علاقة جنسية معهما، قائلًا «لقد كان ترامب قلقًا للغاية حول كيفية تأثير ذلك على الانتخابات»، مضيفًا: «لقد دفعت تلك المبالغ بتوجيه من ترامب.. فلم يكن أى شىء على الإطلاق يحدث فى مؤسسة ترامب إلا من خلاله».
ونجح الإدعاء العام فى إثبات أن هذه المدفوعات تمثل مساهمة غير قانونية فى الحملة، إذ إنه بموجب قوانين الولايات المتحدة، لا يمكن أن يتجاوز التبرع الفردى مبلغ 2700 دولار.

وإذا كانت محاكمة كوهين انتهت بالسجن لمدة 3 سنوات، فإن تداعيات الحكم لم تنته بعد، وهو ما أشارت إليه العديد من الصحف العالمية فى سياق تقاريرها وتحليلاتها، حيث طرحت تلك الصحف العديد من الأسئلة المتعلقة بتأثير الحكم على الرئيس ترامب، والتهديدات القانونية التى تواجهه، فى ظل احتمالية مثوله أمام المدعى الخاص روبرت مولر.

فى هذا الإطار، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن ترامب يواجه- بعد عامين من الحكم- تهديدات قانونية عديدة تطال كل منظمة قادها، فمن ناحية، تواجه شركة خاصة أدارها ترامب اتهامات بممارسات غير قانونية مستمرة، كما تحقق مؤسسات الدولة فى ممارستها الضريبية، كما يحقق روبرت مولر بحملة ترامب الرئاسية، والتى قادت إلى إدانة أربعة رموز عملوا مع الرئيس فى حملته الانتخابية، بالإضافة إلى التحقيقات فى الدور الروسى فى انتخابات عام 2016، وحول تلقى اللجنة أموالًا أجنبية، وقالت الصحيفة الأمريكية إن التحديات القانونية تتراكم مثل شلال يهدد العام الثالث من رئاسة ترامب، فبعد أسابيع قليلة سيبدأ الديمقراطيون رئاستهم لمجلس النواب، ومعه سيواصلون تحقيقاتهم الخاصة.

ورأت «واشنطن بوست» أنه لا يُعرف أثر هذه التحقيقات على الرئيس، ولكن ربما يسعى النواب الديمقراطيون إلى محاكمة الرئيس، إلا أن هذا يظل احتمالًا غير قائم فى الوقت الحالى، خاصة أن تحركًا مثل هذا يحتاج إلى دعم ثلاثة أرباع أعضاء مجلس الشيوخ الذى يسيطر عليه الجمهوريون، وذكرت الصحيفة أن الدعاوى القانونية أجبرت الرئيس على تكريس رأسماله السياسى والحزبى للدفاع عن نفسه.
فى نفس السياق، أوردت العديد من الصحف الأمريكية التقرير الأسبوعى لمراكز الأبحاث الأمريكية الذى تناول احتمالات عزل ترامب، وخسارة الانتخابات المقبلة قبل أن تبدأ، وكشف التقرير أن الحزب الديمقراطى يستعد لتوجيه مذكرات ملاحقة متعددة لشخص الرئيس ترامب ومساعديه الرئيسيين، بهدف تقييد حركته، ومحاصرة خياراته السياسية إلى أقصى حد ممكن، والتلويح بالبدء بإجراءات العزل التى يدرك الطرفان إدراكًا عاليًا أنها بعيدة المنال فى أفضل الأحوال، فعلى سبيل المثال، ذكرت «لاتيشيا جيمس» المدعى العام لولاية نيويورك المنتخبة عن الحزب الديمقراطى، أنها تنوى المضى فى جملة تحقيقات تخص الرئيس ترامب، وعائلته، والمقربين منه، للاشتباه فى انتهاكهم نصوص القوانين السارية، فور تسلمها مهام منصبها أواخر الشهر المقبل، ويرى التقرير أن تصريحات المدعى العام لواحدة من أهم الولايات الأمريكية تأتى امتدادا لتصريحات قادة الحزب الديمقراطى فى الكونجرس أيضًا بعدم التساهل، والمضى بالمثل، واستغلال ما يتوافر للسلطة التشريعية من مزايا خاصة، لإطالة أمد الملاحقة، وإلحاق أقصى ضرر ممكن فى حظوظ الرئيس وحزبه من إعادة الترشيح على أقل تقدير، وأشار التقرير إلى الإدعاءات والتهم التى تصدرت ولا تزال المشهد السياسى حول تورط الرئيس ترامب مع روسيا، فلم يثبت سير التحقيقات المتشعبة عن أدلة مادية بهذا الاتجاه، على الرغم من إدانة أقرب المقربين له، بدءًا بمدير حملته الانتخابية «بول مانافورت» وليس انتهاء بمحاميه الخاص «مايكل كوهين».

وأوضح التقرير أن عزل الرئيس ليس بالأمر السهل والقابل للتحقيق، حيث إن إجراءات العزل تبدأ بالحصول على تصويت أغلبية مجلس النواب (50+1)، لكنها سوف تصطدم بعقبة مجلس الشيوخ التى تستدعى موافقة ثلثى الأعضاء (67) على المشروع، وهو أمر غير قابل للتحقق فى ظل التوازنات الراهنة، كما أن العقبة الأكبر تتمثل فى رد الفعل الشعبى على تلك الخطوة، حيث أكد ترامب أن قواعد مؤيديه قد تلجأ لخيار العصيان المدنى، وشل الحركة العامة، وخاطب ترامب جمهوره مرارًا عبر وسائل الإعلام المتعددة، متوعدًا بثورة غضب عارمة لمؤيديه إن وصلت الأمور لتلك النقطة، وأضاف فى مقابلة مع وكالة رويترز للأنباء، أنه «من المتعذر تنفيذ إجراءات عزل بحق شخص لم يرتكب أى مخالفة، بل قام بإيجاد أعظم ازدهار اقتصادى فى تاريخ البلاد».
وأمام تراجع فرص العزل، فإن ما يتبقى من خيارات أمام الخصوم – بحسب التقرير- يدور حول إدانة التحقيق من قبل لجان مجلس النواب ضد الرئيس ترامب ومعاونيه.