بالقطع علينا الاحتفاء بتسجيل صافي احتياطي النقد الأجنبي المصري رقماً تاريخياً لم يحققه من قبل عندما تجاوز مع نهاية شهر أكتوبر الماضي الخمسين مليار دولار وهو المستوى الأعلى من الاحتياطي النقدي الأجنبي في تاريخ الدولة المصرية.
ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي من المؤشرات الاقتصادية الرئيسية التي تؤكد نجاح الاقتصاد المصري في تجاوز أزمات شح الدولار، تزامناً مع الزيادة الملحوظة في تحويلات المصريين بالخارج وارتفاع عائدات السياحة خلال شهر أكتوبر الماضي، وقبل كل ذلك صعود أسعار الذهب لمستويات تاريخية وهو من أهم مكونات الاحتياطي النقدي الأجنبي المصري.
إلا أن الحقيقة التي لابد أن تضاف إلى أسباب ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي المصري خلال شهر أكتوبر فقط بنحو ٥٧٠ مليون دولار، هي استقرار سوق النقد وتنسيق السياسات المالية والنقدية مع ارتفاع مؤشرات قوة الجنيه المصري، مع التراجع الواضح لأسعار الدولار الأمريكي في مصر والعالم.
الدولار الأمريكي يواجه ضغوطاً عالمية جعلته يتراجع في سوق النقد الدولي بنحو ١٥٪ منذ بداية العام، وهو ما يجعل الاقتصاد المصري أمام فرصة تاريخية لدعم قوة العملة المحلية في الأسواق العالمية، مع تنويع التعاملات المالية الدولية بعدما تأكد للجميع أن الدولار بدأ يفقد بريقه مع بلوغ الدين العام الأمريكي ٣٨ تريليون دولار.
لابد أن نمضي في اتخاذ ما يدعم صعود الجنيه أمام الدولار في السوق المحلي، من خلال تعزيز الصناعات الوطنية وتوفير فرص تشغيل الشباب، واقتحام أسواق التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي، وفي المقابل ضرورة دراسة التأثيرات المتوقعة من ارتفاع الجنيه أمام الدولار على الصادرات المصرية والاستثمار الأجنبي والحركة السياحية التاريخية المتوقع أن تشهدها مصر خلال السنوات المقبلة.