رابط الموقع الرسمي لرئاسة الجمهورية

أطول وأكبر معركة سياسية ودبلوماسية

1644

مصر تخوض أطول وأكبر معركة سياسية ودبلوماسية منذ ما يقرب من 7 سنوات كاملة فى قضية سد النهضة الإثيوبى، حيث نجحت جهودها فى عام 2015 فى إتمام التوصل إلى اتفاق المبادئ فى الخرطوم بين رؤساء الدول الثلاث مصر والسودان وإثيوبيا، الذى نص على عدم البدء فى ملء السد قبل التوصل إلى اتفاق نهائى وملزم بين الأطراف الثلاث يتضمن تشغيل وإدارة السد والتوصل إلى آلية قانونية لفض المنازعات التى قد تنشأ نتيجة تشغيل السد.

وأعلنت مصر فى بداية طريق التفاوض وبداية معركتها الدبلوماسية والسياسية والتى فرضتها على الواقع الإفريقى والعالمى، أنها لا تعارض التنمية فى إثيوبيا ولكنها لن تفرط فى حقوقها المائية التى تنظمها مبادئ القانون الدولى واتفاقيات الأنهار الدولية، حيث يعتبر نهر النيل نهرًا دوليًا وأن مصر تتمنى بل تشجع التنمية فى إثيوبيا، لكنها فى نفس الوقت لن تفرط فى حقوقها المائية والتى تتمثل فى الحق فى حياة أكثر من مائة مليون مصرى يعيشون على مياه النيل منذ أكثر من 7 آلاف سنة، بالإضافة إلى أكثر من 50 مليون سودانى يعيشون أيضا على مياه النيل، إلا أن إثيوبيا كانت تروج دائمًا الشائعات والأكاذيب ضد مصر فى المجتمع الدولى بأن مصر لا تريد التنمية لإثيوبيا ولكن المعركة الدبلوماسية والسياسية التى خاضتها مصر خلال عام 2019 و2020 كشفت الكذب الأثيوبى، بل والمنازعات التى تتبعها وتحاول إقناع الدول الكبرى والصديقة فى المحافل الدولية وأيضا الدول الأفريقية حتى كانت الولايات المتحدة أولى هذه الدول التى صدمت بالموقف الإثيوبى بعد أن رفضت إثيوبيا الحضور فى فبراير الماضى؛ للتوقيع على الاتفاقية التى صاغتها الولايات المتحدة عن طريق وزارة الخزانة الأمريكية والبنك الدولى ووقعت مصر عليها بالأحرف الأولى إثباتًا لحُسن النوايا بأن مصر لا ترفض التنمية ولكنها فى نفس الوقت تتمسك بحقوقها المائية الثابتة طبقا للاتفاقيات الدولية ومبادئ القانون الدولى، وبعد جمود المفاوضات عدة شهور نجحت المعركة الدبلوماسية والسياسية فى تحويل هذه القضية إلى مجلس الأمن الدولى والذى كان موقفه فى صالح الموقف المصرى لصدقه وصراحته ووضوحه والتى كانت جلسة تاريخية تحدث فيها وزير الخارجية السفير سامح شكرى بكل صراحة وشجاعة يفند الموقف الأثيوبى الغامض ورفضه التوقيع على اتفاق ملزم وقانونى يضمن حقوق الدول الثلاثة.

إلا أن تحرك الاتحاد الأفريقى والذى تتولى دولة جنوب أفريقيا رئاسته حاليًا طلب من مجلس الأمن استكمال التفاوض عن طريق الاتحاد الأفريقى بحجة أن المشكلة أفريقية وأنه يجب حلها والتوصل إلى اتفاق بشأنها فى إطار البيت الأفريقى.

أما الذى استوقفنى أخيرًا تصريحات السفير الروسى فى القاهرة بأن روسيا تطالب أثيوبيا بضرورة التوصل إلى حل واتفاق نهائى توافق عليه الدول الثلاث وأن روسيا لا تتمنى الإضرار بشعبى مصر والسودان لأن النيل هو الحياة بالنسبة لهما وهو يضمن حقوقهما المائية فى مياه النيل وأنه لا بد من التوصل إلى اتفاق توافق عليه الدول الثلاث.
قضية سد النهضة قضية عادلة بالنسبة لمصر، عادلة دوليًا وأمميًا فى المجتمع الدولى ممثلا فى مجلس الأمن.

فى رأيى إن الهدف الرئيسى من سد النهضة هو النيل ومنع مياه النيل أو التحكم فيها تعنى القضاء على شعب مصر وشعب السودان، إلا أن فشل الاتحاد الأفريقى فى حل أزمة سد النهضة يعنى إحالة القضية إلى مجلس الأمن مرة أخرى وهو ما سيتضح خلال الأيام القادمة وبالتالى ستحدد موقفها النهائى بعد إعلان النتائج من جانب رئاسة الاتحاد الأفريقى وبالتالى فإن السودان أيضا ستحدد موقفها وهى بالتأكيد مع مصر لأن السودان هى التى أضيرت ضررًا كبيرًا من عملية التخزين الأولى التى قامت بها أثيوبيا دون موافقة مصر والسودان أو الاتحاد الأفريقى أو مجلس الأمن فى خلسة من الزمن وأثناء عمليات التفاوض وهذا يدل على النية السيئة لدى أثيوبيا وأن أثيوبيا دولة ليس لها كلمة تلتزم بها وقد أصابها نوع من جنون العظمة.

معركة مصر الدبلوماسية والسياسية التى تخوضها حاليًا هى معركة الحق والعدل وحق الشعب المصرى فى الحياة والبقاء، فمياه النيل ونهر النيل هو أمن قومى مصرى منذ أكثر من 7 آلاف سنة ولن يعيش من يريد القضاء على مصر وشعبها فقيادتنا السياسية واعية ويقظة وجيشنا قادر وقوى على الدفاع عن أمننا القومى ومصر دولة ليست معتدية بل هى دولة مسالمة تدافع عن حقها فى البقاء والوجود وتدافع عن أمنها القومى ويبقى فى هذه المعركة بأن مصر إذا فشل الاتحاد الأفريقى فى حل الأزمة فلن يكون أمامها إلا إحالة القضية إلى مجلس الأمن لوقف بناء السد بوسائل أممية وقرارات دولية حتى التوصل إلى اتفاق قانونى ملزم بين الدول الثلاث.